الأخبار العربية و العالمية

عالم السياسة و الإقتصاد

شئون الأمن و الدفاع

الأراضى العربية المحتلة

المواطن و الشارع العربى

التأمينات والمعاشات والتضامن الإجتماعى

الثقافة ، و الأدب العربى و العالمى

دنيا الفنون و الإعلام

المرأة و الطفل ، و الأسرة و المجتمع

الأزياء و الجمال - الديكور - المطبخ

صحتك بين يديك

دنيا الشباب و الرياضة

التاريخ و السياحة و الآثار

علوم و تكنولوجيا

شخصيات و حوارات

التقارير المصورة

تقارير و دراسات و مؤتمرات

حوار مع الأديب والمترجم العربى الأستاذ نزار سرطاوى - اجرت الحوار الاديبة الأستاذة : وفاء عياشي بقاعي ..



حوار مع الأديب والمترجم العربى الأستاذ نزار سرطاوى - اجرت الحوار الاديبة الأستاذة : وفاء عياشي بقاعي ..


 الوطن العربى اليومية - القاهرة ..

نزار سرطاوي.. الانسان بعيدا عن الكتابة ....التقيت به في رام لله  ، دمث الأخلاق ، يمتاز بروح العطاء وحب الأرض والوطن ، تشاطر وجهه البسمة العفوية التي تصل للأخر دون استئذان ..فلسطيني يحمل فلسطين في قلبه أينما حلَّ ، كان لي معه هذا اللقاء .
1. نزار سرطاوي بكلمات من عطر الكرمل ورائحة برتقال يافا، كيف يعرف نفسه ؟

يسعدني في مستهل هذا اللقاء أن أحيّي صحيفة الوطن العربي، وأحييك سيدتي، وأن أعبر عن بالغ سروري باستضافتي في هذا اللقاء.

وتعريفًا بنفسي أقول:   

نزار سرطاوي هو إنسان فلسطيني، نشأ على حب فلسطين، وعشق ترابها الذي حمله طفلًا وشابًا وكهلًا، عشق فلسطين كلها من الناقورة إلى ايلة  ومن البحر إلى النهر.

نزار سرطاوي هو أيضًا إنسان عربي، شبّ على تقديس العروبة. يحمل في قلبه هموم الأمة، ويتوجع لأوجاعها، ولسان حاله يردد ما قاله شاعر النيل، حافظ إبراهيم:


ونزار سرطاوي إنسان يحب الناس، ويعيش على محبتهم.، إنسان يتمنى الخير للناس جميعًا، يتمنى أن يعم السلام والوئام في هذه الأرض التي يستشري فيها القتل والتهجير والتجويع، وتملؤها الصراعات والحروب.

2. أنت مواليد بلدة سرطة في فلسطين، وتعيش الآن في عمان، هل وجودك خارج فلسطين باختيارك، أم أن للاحتلال دورًا في ذلك، وماذا تعني لك فلسطين؟

نعم ولدت في بلدة سرطة وعشت في منطقتيْ القدس ونابلس أيام الطفولة والصبا. ثم انتقلت إلى عمان بغرض الدراسة الجامعية. بعد تخرجي كانت ظروف الحياة صعبة في الضفة الغربية، وكان الاحتلال (وما يزال) يضيق على الناس، ويجعل حياتهم مليئة بالمشقّات والمآسي. وكانت لدي مسؤوليات تجاه عائلتي، فقررت السفر إلى الخليج، ومن هنا كان انتقالي إلى عمان. لكن المقام استقر بي في عمان، وتزوجت وكونت أسرة وصل عدد أفرادها إلى ستة، وهكذا استمر بي الحال حتى اليوم. هذه الوضع ينطبق على غالبية الشباب من أبناء جيلي. فقد كان العمل خارج أرض الوطن متاحًا لنا بصورة أفضل بكثير مما هو متاح في هذه الأيام.

أحيي أهلي وإخوتي أبناء الشعب الفلسطيني، الذين ظلّوا متشبتين بتراب الوطن، فضربوا أروع الأمثلة في صمودهم وفي الوقوف في وجه الاحتلال ومقاومته.

3. أين يجد نزار سرطاوى ذاته، هل في الترجمة أم في قصيدته كشاعر؟

الأصل أنني شاعر. لقد بدأت كتابة الشعر العمودي وعمري لا يتجاوز أربعة عشر ربيعًا. الترجمة جاءت في وقت متأخر. وقد وجدت فيها شيئًا من التعويض عمّا فاتني، خصوصًا أن معظم الترجمة التي أقوم بها هي للشعر.

4. ابتعدت عن الكتابة مدة طويلة وكنت في أوج عطائك، ما هو الدافع لذلك، وهل تندم على ما فاتك من عمر في الكتابة؟

نعم، كان ذلك حين عدت إلى الدراسية الجامعية لنيل شهادة الماجستير. أخذتني الدراسة من الشعر، وتدريجيًا وجدت اهتمامي بالكتابة الإبداعية يقل. بعد ذلك سافرت إلى السعودية للعمل. هكذا وجدتني أبتعد عن الشعر وعن الأدب عمومًا. والشعر لا يوفر لقمة العيش الكريم. عدد كبير من الشعراء يعانون من الفاقة وبعضهم لا يكاد يجد ما يسد الرمق. هذا أمر مؤسف، لكن الإبداع لا يحظى بالرعاية الكافية في بلادنا.

أما الندم فنعم. لست راضيًا عن نفسي ولا متصالحًا معها حول هذه المسألة. لقد فاتني الكثير خلال تلك الفترة التي امتدت لثلاثين عامًا. أصدقائي الذين يعرفونني جيدًا يستغربون كيف حدث ذلك – كيف سرقتني الحياة هكذا. لقد كتبت قصيدةً بعنوان "كيف؟" أقرّع فيها نفسي على ذلك، حيث أقول في ختامها:

كيف انسكبتْ ألوانُكَ

وانكفأتْ ألحانُك

وارتحلتْ شطآنُك

ويحكَ!

ضيَّعتَ سنين العمر هباءً منثورًا 

وحفرت لقلبك قبرا



5. ما رأيك بالمتلقي في عصرنا اليوم، هل هناك توافق بين جمالية الاستقبال وجمالية النص؟

المتلقي هو ابن عصره. في الزمن الماضي كان الناس يحبون الشعر حبًا يكاد يكون غريزيًّا. كان الشعر بالنسبة للكثيرين بمثابة خبز القلب والوجدان وغذاء الروح. لكننا في عصر العولمة نعيش عبيدًا للتكنولوجيا. فعلى سبيل المثال، حين يجتمع الناس في مجلس، ينكب عدد كبير منهم على الموبايل والآيباد والآيفون وغيرها. 

لكن ذلك يمثّل جانبًا واحدًا من المسألة. ثمة جانب آخر يتعلق بالشعر والشعراء. فالشعر هو في النهاية مادة من مواد التواصل. وحين نتحدث عن التواصل كنشاطٍ إنساني لا بد أن نتذكر أن عملية التواصل تكتمل بعناصرَ ثلاثة: المرسل والمستقبل والمادة المرسلة. المرسل في حالتنا هو الشاعر. والمستقبل هو المتلقي – المستمع أو القارئ. أما المادة المرسَلة فهي الشعر – القصيدة. والسؤال المهم هنا: هل يقدم الشاعر مادةً تهمّ القارئ أو تشدّ انتباهه ؟ هل يجد المتلقي  نفسه معنيًا بالاستماع.

قبل بضعة أسابيع وجّهَ أحد المنتيات الأدبية سؤالًا حول توجه العديد من الشعراء نحو كتابة الرواية، وبالتالي العزوف، أو الابتعاد بصورة جزئية عن كتابة الشعر. وقد كان ردي هو أن "اهتمام القراء بالشعر ]شهد[ انحسارا كبيرًا بعد تحول الشعراء الى الحداثة وما بعد الحداثة وما بعد البعد. القارئ يريد نصًا آمنًا لا مفخخًا، يريد نصًا سلسًا لا مشاكسًا، يريد نصًا مضيئًا ومضاءً لا يسير به في العتمة، يريد نصًا يتحدث عنه لا عن ذات الكاتب، يريد نصًا مفهومًا لا ملتبسًا. يريد طريقًا واضحًا لا حقلًا مزروعا بالأشواك والألغام، يريد رحلة لها بداية ونهاية، لا متاهة يبحث فيها عن مخرج ليس ثمة اشارة تدل عليه."

وأضفت أن "هذه الناقة الضالة التي يبحث عنها القارىء لا يجدها في القصيدة بل في  الرواية. الشاعر يقول: بيني وبيني وعدتُ إليّ وكأنه منقطع عن الدنيا، ثم ينتظر أن تصفق له الدنيا."

ثم ختمت بالقول "إن واحدًا من أسباب تحول بعض الشعراء إلى الرواية هو بحثهم عن التواصل الإنساني الذي كثيرًا ما تفتقد اليه القصيدة الحديثة المنكفأة على نفسها." 

خلاصة القول أن الكثير من الشعراء لا يقدمون للمتلقي ما يحسّ أنه يمكن أن يلبي حاجاته العقلية والفكرية والوجدانية والروحية. لكن المتلقّين أيضًا لم يعد لديهم ذلك الشغف القديم بالشعر والإحساس بقيمته.  

6.  ما رأيك بتشكيل الاتحادات الادبية، كونك عضوًا في أكثر من اتحاد؟ هل برأيك تضيف للأديب شيئًا؟

الاتحادات الأدبية هي مؤسسات تجمع الأدباء لتعزيز قوّتهم وحضورهم ودعم نشاطاتهم الإبداعية ليكونوا كيانًا فاعلًا ومؤثرًا في المجتمع. بل إن الاتحاداتِ يكاد يكون لها في كثيرٍ من الأحيان حضورٌ يشابه الحضورَ النقابي أو يوازيه، على الرغم من أنها ليست كياناتٍ نقابية. فأعضاء النقابة أصحاب مهنة واحدة. ومن واجب النقابة أن تسعى إلى حماية حقوقهم وتحقيق مكاسب لهم. لكن الأدب ليس مهنة. فبين الأدباء أطباء ومهندسون وصحفيون ومعلمون ومحامون ورجال سياسة ودبلوماسيون، وغير ذلك. لكن الاتحاد الأدبي أحيانًا يكتسب من القوة ما يعادل النقابة أو يقترب منها في بعض النواحي.

إذا قام الاتحاد الأدبي بالدور المتوقع منه فإنه يوفر لأعضائة الكثير من المكتسبات، ويتيح لهم التفاعل مع بعضهم البعض، ويساعدهم على إيصال أصواتهم إلى الناس. بل إن أصواتهم قد تصل إلى العالم الخارجي من خلال الاتحاد والعلاقات التي يقيمها مع المؤسسات الأدبية والفكرية والثقافية خارج البلاد.

لكن ثمّة معوقات قد تحول دون تحقيق مثل هذه المزايا. فالدولة من جانبها قد لا تقدم ما يكفي من الدعم، والهيئة الإدارية المنتخبة قد تتخلى عن القيام بواجباتها نحو الأعضاء وتستأثر بالمزايا، وربما تُفصّل نشاطاتِ الاتحاد على مقاسها، متجاهلة الأنظمة واللوائح الداخلية والأهداف التي قام من أجلها الاتحاد. كذلك فإن الكثير من أعضاء الاتحاد، أي أعضاء الهيئة العامة، يكتفون بالانتساب الاسمي للاتحاد، دون أن يمارسوا نشاطًا يذكر. بل إن الكثيرين لا يقومون بتسديد الرسوم. 

الاتحادات الأدبية كيانات ثقافية هامة، ويتعين عليها أن تعمل من أجل مصلحة أعضائها ومصلحة الوطن، وأن تستوعب كافة التيارات الفكرية، وتترفع عن الخلافات الشخصية، وأن تعمل بشفافية، وبصورة ديموقراطية ولا تهمش أحدًا ولا تنحاز لأحد. ويتعين على أعضاء الاتحاد أن يشاركوا في نشاطاته وأن يكونوا أعضاءَ فاعلين لا مجرد أسماء أو أرقام. التعاون بين الهيئة الإدارية والأعضاء هو من أهم من مقومات نجاحها.   

7.  بما أنكَ مترجم مطلع على الأدب العالمي ، كيف ترى النص الاجنبي مقابل النص العرِبي؟

بصورة عامة، لا أظن أن الكاتب العربي أقلَّ إبداعًا من الكاتب الأجنبي. لكل لغة خصائصها ولكل ثقافة أسلوبها الخاص في التعبير الذي يميزها عن غيرها. فالنص العربي قد يختلف في بعض ملامحه التعبيرية والأسلوبية عن النص في اللغات الأخرى. وكما يوجد عندهم نصوص مميزة وكتاب مميزون، فنحن كذلك. وقد وصل بعض شعراء وكتاب العربية مثل جبران ونجيب محفوظ ومحمود درويش وأدونيس وسواهم إلى العالمية.

لكن ثمّة عاملان خطيران تعاني منهما الثقافة العربية. الأول داخلي، ويتمثل في الهزائم المتلاحقة التي لحقت بنا خصوصًا في العقود الستة الماضية. هذه الهزائم أفقدت الشعوب ثقتها بنفسها وبثقافتها. فراحت تبحث عن البدائل في الثقافات الأجنبية، وجنحت إلى التقليد. وهذا يذكرني بمقولة ابن خلدون في مقدمته. فهو يشير إلى أن المغلوب "مولع أبداً بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده" ومرد ذلك عنده هو "أن النفس أبدًا تعتقد الكمال فيمن غلبها وانقادت إليه..." هكذا نجد عددًا لا بأس به من الأدباء والشعراء العرب يميلون إلى محاكاة الغرب في الكثير من الأشكال الأدبية، وعددًا من النقاد العرب يتمثلون بالمدارس النقدية الأدبية الأجنبية ويتخذونها مرجعية لهم في دراساتهم.


أما العامل الآخر فهو خارجي. فالعالم ينظر إلينا نظرة استعمارية متعالية، وكأننا أقل حظًا في قدرتنا على الإبداع. وهذه نظرة عنصرية ظهرت في بعض الدراسات الاستشراقية في القرن الثامن عشر، وما يزال تأثيرها كبيرًا حتى أيامنا هذه. لذلك نجد أن عدد المبدعين العرب الذين يتم ترشيحهم لجوائز عالمية مثل نوبل على سبيل المثال محدود جدًا، ولم تمنح نوبل حتى اليوم لأي شاعر عربي.


ولعلّ ما عزز هذا التجاهل للأديب العربي هو الدور الذي تلعبه الصهيونية العالمية بما لها تأثير على صنّاع القرار حتى في الفضاء الأدبي.


 8.  ما رأيك بقصيدة النثر التي تُشن عليها حرب ضروس، كونها لا ترضي شعراء القصيدة العمودية؟ 

بادئ ذي بدء أود أن أشير إلى الرأي القائل إن قصيدة النثر هي صناعة مستوردة. وأسارع فأقول إن في هذا القول الكثير من الصحة. غير أن بعض الباحثين في قصيدة النثر أكدّوا وجود نصوص عربية تمثل نموذجًا أوليًا لقصيدة النثر.  

وعلى أية حال فإن مما لا شك فيه أن الكثير من القراء يناصبون قصيدة النثر العداء، وجلّ هؤلاء من الجيل القديم الذي تربى على الشعر العمودي كما نظمه شعراء العربية منذ ألفي عام، وكما أصّل له الخليل بن أحمد  في القرن الثاني للهجرة، وأنا هنا أشير إلى القرّاء بعامّة. لكن الأشدّ عداءً هم الشعراء المتمسكون بالقصيدة العمودية ولا يرضون عنها بديلًا، يليهم شعراء التفعيلة. ولعل من المثير للسخرية أن قصيدة التفعيلة تعرضت لهجوم مماثل قبل أن يتقبلها الذوق العام وتترسخ شكلًا شعريًا معترفًا به.

ما لا جدال فيه هو أن قصيدة النثر بدأت ترسخ أقدامها كشكل شعري له أصوله وأدواته، وله جمهوره ونقّاده، سواء أتقبل معارضوها ذلك أم لا.

9.  التكنولوجيا متمثّلة في "مواقع التواصل الاجتماعي" ساهمت في ولادة العديد من الشعراء، ما رأيك بذلك؟

مواقع التواصل الاجتماعي لا تصنع الشعراء، لكنها ربما تكشف عنهم. لقد أتاحت هذه المواقع التواصل بين الأدباء كما أتاحت لهم التواصل مع القراء. ذلك لم يكن ممكنًا قبل عقدين أو ثلاثة. كان على الشاعر أن يطبع ديوانه أولًا ويقوم بتوزيعه. وحتى ذلك لم يكن يتيح له سوى انتشارٍ محليٍّ محدود. لذلك إذا ما استثنينا بعض الشعراء المحليين، لم نكن نعرف من الشعراء المعاصرين لنا أكثر من شاعرٍ أو اثنين من كل قُطر عربي. هذا الوضع تغير الآن، وبفضل النت غدونا على صلة بآلاف الشعراء. والأندية الأدبية في الفضاء الافتراضي تجمع بين شعراءَ وأدباءَ من كافة أرجاء الأرض. وفي وسعنا أن نقرأ للشعراء دون الحاجة إلى اقتناء دواوينهم. وما على الشاعر إلا ان ينشر نصّه على النت، ليلتقطه القراء في الحال. وهذا شجع آلاف الشعراء على إظهار أنفسهم والترويج لنتاجهم، وحفَزّهُم على المزيد من الكتابة والسعي إلى الانتشار.

10. هل القصيدة تخلد الشاعر ، أم الشاعر يخلد القصيدة؟ 

الشاعر يخلق القصيدة. فإذا كانت قصيدةً مميزةً انتشرت واشتهر أمرها وأمرُ صاحبها. ونجن نعرف شعراءَ عربًا من شتى العصور بفضل أعمالهم الخالدة. بل هنالك أعمال شعرية معروفة لكن أصحابها غير معروفين. نحن لا نعرف من كتب ملحمة جلجامش السومرية، أو كتاب الموتى  الفرعوني، أو ملحمة بيوولف الأنجلوسكسونية، أو حكايات  ألف ليلة وليلة. لكن هذه وغيرها أعمال خالدة. فالعمل الفني هو الذي يأخذ الشهرة إذا كان يستحقها.

لكن من الممكن أن نستدرك قليلًا على ذلك. حين يُعرف شاعرٌ ويشتهر أمره، تكتسب بعض أعماله السابقة واللاحقة شهرةً تكون أحيانًا أكبر من قيمتها الأدبية. فمجرد أن يَرِدَ اسم  محمود درويش أو أحمد شوقي أو شكسبير أو المتنبي مثلًا، نجد صعوبة بالغة في أن نوجّه نقدًا إلى أحد أعماله أو نصوصه. وكأن نصوصه جميعًا تكتسب حصانةً أو قداسةً لا يجوز المساس بها. مع أن من الطبيعي أن لا تكون نصوص الشاعر متساوية في مستوى إبداعها الفني. فالتفاوت بينها في هذا المجال هو أمر لا مفرّ منه. لنأخذْ مثلًا من عالم الموسيقى: تعدّ السمفونية التاسعة لبتهوفن أعظم أعماله الموسيقية على الإطلاق. وهذا يعني ضمنًا أن سمفونياته الأخرى، رغم عظمتها، أقل شأنًا من التاسعة. فهل ينطوي هذا القول على غمزٍ في عظمة بتهوفن أو أيّ من أعماله الخالدة.

بل إن الشاعر بعد نضوجه وبلوغه مستوى رفيعًا من الإبداع واكتسابه شهرةً عالمية، قد ينتج عملًا أقل شأنًا. لكنه سرعان ما يشتهر العمل ويكتب عنه النقاد كلامًا ربما يكون فيه شيء من المبالغة. هنا نستطيع القول إنّ مثل هذا العمل يكتسب شهرة تعود في الأساس إلى شهرة مؤلفه. في هذه الحالة يمكننا القول إن الشاعر هو الذي أشهر العمل.

11. صدر لك ديوان شعر بين زمانين سنة 2011 ، هل هناك مواليد شعرية جديدة على الطريق؟

نعم. بين يديّ الآن مخطوطان شعريان أحدهما بالعربية والآخر بالانكليزية لم أستقرّ بعد على عنوان أي منهما. وأتوقع أن يصدرا قبل نهاية العام بحول الله. 

12.  صحيفة الوطن العربي الصادرة من القاهرة ، ما رأيك بها،  وماذا تقول لمتابعيها؟

صحيفة الوطن العربي من الصحف الالكترونية المرموقة.  وتتميز بثرائها وتنوع موضوعاتها.

اسم الوطن العربي وحده هو بحد ذاته مميز. نحن الآن نعيش في فترة الانقسام والتشرذم. ودائمًا ننسب ذلك إلى الاستعمار، وننحي باللائمة على سايكس بيكو والحدود التي صنعها المستعمرون. ثم بعد ذلك نلوم القادة العرب لأن كلًّا منهم يريد الاحتفاظ بالكرسي لنفسه. وكأننا من خلال تكرارنا لهاتين المقولتين نؤكد ضمنًأ أننا أمةٌ ضعيفة لا حول لها ولا قوة، أسلمت زمام أمورها إلى من لا يرقب فيها إلًّا ولا ذمّة.

لكن الأنكى من ذلك أن نزعة التفرق تجد طريقها إلى أبناء الأمة. فهناك دعاة الإقليمية والقطرية والعرقية. ثمة من يرفع شعار مصر أولًا والأردن أولًا وفلسطين أولًا. هناك من ينادي بفرعنة مصر وكنعنة فلسطين وأفرقة السودان.

إن اسم صحيفة الوطن العربي يمثل رفضًا مطلقًا لهذه النزعة. ولذلك تستقطب الصحيفة نخبة من الكتاب العرب وتمنحهم فرصة المشاركة في إدارة الصحيفة وتحريرها تأكيدًا على خطها العروبي المنحاز إلى الوحدة.

لذا أوجه تحيات الإعزاز والإكبار للشاعر الدكتور علاء الدين سعيد مؤسس الوطن العربي الغرّاء وأهنؤه على هذه الصمود وسط كل هذا الضجيج والصخب والغوغائية التي تعم أرجاء الوطن – الوطن العربي الكبير من الماء إلى الماء.

وإلى قرائها ومتابعيها أقول: أنتم محظوظون بهذه الصحيفة وما تقدمه من الفكر والثقافة. ولعل لسان حالها يدعوكم إلى أن تعضّوا على عروبتكم بالنواجذ. فبالوحدة تعيش الأمة وتنهض وترتقي وتقوى وتكتسب احترام الأمم الأخرى، وبالفرقة يسهل النيل منها وتهبط إلى الحضيض.

13.  في نهاية الحوار ، أي القصائد تود إهدائها لقراء الصحيفة؟

لدي قصيدة قصيرة بعنوان "القصيدة" حاولت أن أعبر من خلالها عن هواجسي الشعرية:

إلامَ اختباؤكِ 

في رَحِم الغيب  

ظِلًّا خجولًا

يخامره قلقٌ حائرٌ، 

شَبَحًا تائهًا

لا تشاطره الشمسُ أسرارها،

لا تراوده خلجاتُ النجوم

ولا همساتُ القمرْ؟



علامَ اعتكافك ِ

طيفًا

بلا جسدٍ تتصاعد أنفاسُه 

مضغةً

بين جدران شرنقةٍ

هيئةً

لم تُدوّن تفاصيلُ تكوينها  

في سجلِّ القدرْ 



إلامَ تظلّين صوتًا خفيَّ الملامح

همهمةً

لا تميزّها الأبجديةُ 

دندنةً

لا ترافقها  

رقصاتُ الوترْ    



علامَ بقاؤُك    

مبتدأً

يتلبّث علّ يجيءُ

الخبرْ 



وأود أن أختم بتقديم باقة من زهور فلسطين الفواحة إلى كُتّاب وقراء الوطن العربي.  وأنت سيدتي ستساعدينني في قطف هذه الباقة من ربى عكا الأبية وسفوح الكرمل العربية وحملها إليهم ممزوجة بشذا روحك الجميلة التي أسعدتني بهذا اللقاء الحميم في هذا المكان الحميم.. صحيفة  الوطن العربي.  


هذا الموضوع قابل للنسخ .. يمكنك نسخ أى رابط من تلك الروابط الثلاثة ولصقه بصفحاتك على المواقع الإجتماعية أو بموقعك

URL: HTML link code: BB (forum) link code:

فيديو الوطن العربى

عالم الفيديو

إلإجتماعيات و المناسبات

الصفحات الألكترونية و مواقع التواصل الإجتماعى

أقلام و رسائل القراء

الموضوعات الأكثر قراءة

أسرة الصحيفة و المنضمون اليها