الأخبار العربية و العالمية

عالم السياسة و الإقتصاد

شئون الأمن و الدفاع

الأراضى العربية المحتلة

المواطن و الشارع العربى

التأمينات والمعاشات والتضامن الإجتماعى

الثقافة ، و الأدب العربى و العالمى

دنيا الفنون و الإعلام

المرأة و الطفل ، و الأسرة و المجتمع

الأزياء و الجمال - الديكور - المطبخ

صحتك بين يديك

دنيا الشباب و الرياضة

التاريخ و السياحة و الآثار

علوم و تكنولوجيا

شخصيات و حوارات

التقارير المصورة

تقارير و دراسات و مؤتمرات

حوار مع الأديبة الفلسطينية الكبيرة الأستاذة وفاء عيّاشى - اجرت الحوار الاديبة والإعلامية الأستاذة : سناء الحافى ..

حوار مع الأديبة الفلسطينية الكبيرة الأستاذة وفاء عيّاشى - اجرت الحوار الاديبة والإعلامية الأستاذة : سناء الحافى ..



س - الأديبة الفلسطينية الأستاذة وفاء عياشى ، كيف تعرفين للقارئ نفسك في سطور؟

أنا لست سوى مجموعة حروف عقدت قرآنها على الأوراق منذ كانت الطفولة تراقص عفويتها في أحضان بساتين الرمان والتين والعنب ،ومنذ كانت المراهقة تسرق لهاث لحظات بين همسات نزار قباني وفلسفة محمود درويش ، وشقاوة إحسان عبد القدوس ،ومراوغة نجيب محفوظ ،وحكمة جبران خليل جبران .
وحينا كنت أركض بضفائري خلف فراشات الربيع وطنين النحل ، وأُسقط الشمس في حجري تحت شرفة وعناقيد البراءة .
نشأت في بيت مثقف نتداول الكتب ،وكنت أستعيرها من مكتبة متجولة تأتي إلى قريتنا الوادعة في ساحل عكا ،وما أن كبرت وأصبحت في الإعدادية والثانوية حتى كان يتوسط بيتنا الدافئ مكتبة حمرا ء ، يأتي بها أخي الكبير رحمه الله ، وكنت التهمها دون شبع ، وأملئ سكينة الليل وصمته بصراخ الأبطال وتأوهات الحبيبات ،ومعارك الحياة في كأس الشقاء والندامة والتفاؤل والحب . الى حين انعتاق الليل من سواده ،وولوج الضوء خيطان فجر جديد. امتلئ مرة أخرى بشقاوة الحروف وأعود وأبحث من جديد على كل جديد يروي عطشي .
تلْبسكَ الدنيا في دورانها ثوبا لا يناسبك ،وتحاول أن تخلعه ولكنك تخاف أن تتعرى أمام ثورات من حولك وتضطر أن تبقيه حرصا على إبقاء الأرض ثابتة تحت قدميك . تزوجت صغيرة السّن ،وكان ذلك عائقا لمدة عقد من الزمن بيني وبين الحرف ،أنجبت أبنائي الأربعة ، وأعطيتهم كل كينونة الأمومة،و كان ينمو الحرف في أحشائي جَنينا يشرب من وريد روحي ، حتى وصل مرحلة المخاض ، وأنجبته طفلا سليما معافى ،ولد ديواني الأول بعد أن مارست معه طقوس العشق حتى الشهقة الأخيرة. واستمر هذا العشق حتى ولادة دواوين اخرى منها قزحية اللون ، وكتبت الخاطرة والمقالة السياسة وقصّة الأطفال. وما زال طفل الرواية يتكور في أحشائي يحلم بأن يولد بين بساتين وحدائق الفن الروائي .
أنهيت تعليمي الأكاديمي بعد ثورتي على كل الظروف ،وحصلت على اللقب الأول في اللغة العربية والتربية لجيل الطفولة ،وحصلت على شهادة تؤهلني للتدريس ،وبدأت عملي كمدرسة ومحاضره للكبار في التربية .اعشق عملي حتى الوله ، أعطي دون حدود ، واشعر بسعادة لا توصف عندما أرى البسمة والرضا من طلابي وطالباتي .

س - علاقتك بالجمهور من خلال التواصل الرقمي على الشبكة العنكبوتية تجد اقبال واهتماما كبيرا.. وددت أن أعرف ما الحالة النفسية التى تتقمصك، وأنت تقدمي لجمهورك شعرا مباشرة في الفعاليات التي شاركت بها؟و كيف كيف تجدين تفاعلهم ؟

لا شك... التواصل عبر الشبكة العنكبوتية قدّم لي الكثير ،وخاصة التواصل معك أنت الراقية بتعاملها ومتابعتك لنصوصي ،وعرض العمل الذي عرضته عليَّ كمحررة حوارات في صحيفة أصيلة ،وحينها  خفت من قبول العرض كوني لم ادرس الصحافة ، ولكن الثقة التي منحتني إياها الدكتورة خلدية آل خليفه وحضرتك أستاذة سناء جعلتني أقبل العرض ..وأنا اليوم بمنتهى السعادة وأنا أمارس هذه المهنة التي فتحت أمامي أبواب جديدة في لقائي مع أدباء وكتاب من عالمنا العربي ، وقد أجريت العديد من الحوارات التي لاقت استحسان ورضا كل من يقرأاها وهذا يدفعني للاستمرارية في هذا المجال.
طبعا التواصل بشكل مباشر مختلف عن التواصل عبر الشبكة ،ما ينتابني حينها شعور الرهبة والارتباك والخوف من عدم إرضاء الجمهور،ولكن حينما أبدأ بالقراءة اشعر بالرضا واحمد الله الذي منحني الثقة بالنفس واشكر والدتي رحمها الله التي كان لها تأثير كبير على تكوين شخصيتي ،وكنت بكل تواضع اُحْسَد وأنا على المسرح من قبل الأخريات لأني أملك حضورا مختلفا ، وكنّ يقلن ذلك بصراحة لي، وهذا يزيدني ثقة وارتياحا أثناء القراءة.

س - صدر لك مجموعة قصص للأطفال ، حدثينا عن هذه التجربة ومدى اهميتها وصعوبات الخوض بها؟

ما زال في داخلي طفلة شقية تحب الحياة وأن تركض هنا وهناك .
تجربتي الأولى كانت بطريق الصدفة ، حينما كنت على مقاعد الدراسة أراد أحد المحاضرين أن يشاهد لي درسا في داخل الصف أمام الطلاب ، وأنا بطبعي أحب التجديد ولا أقدّم شيئا مستهلكا من قبل ، فكتبت قصّة "الشمس والقمر" افتتاحية الدرس ، وهي قصّة تعليميّة  ، عرضتها أمام الطلاب والمحاضر ، ولاقت استحسان الجميع ، حينها قال لي : أنها أفضل من قصص منشوره يجب أن تكون بيد كل طالب ، فعلا تم إصدارها وهي الآن بالمدارس. وقصّتي الثانية فازت في مسيرة الكتاب ، وهي موجودة في كل المدارس  في فلسطين المحتلة . قصّتي الثالثة أحلام تالة حازت على شعار التميز من قبل دار النشر. هناك عدّة قصص مثل "زرقاء اليمامة" و"يافا والعيد" و" الشاطر حسن في خان الزيت" "والاميرة والبئر" و"سامر الغضبان" .. هذه القصّص منها في الطباعة ،ومنها ما زال قيد العمل والتنقيح .  أنا احرص في أدب الأطفال على الثقافة الوطنية والقومية التي تنقص أدب أطفالنا.

س- أنت عضو في احتشاد الكتاب الفلسطينيين بحيفا، ماذا قد م لك الاتحاد وماذا قدمت له؟

نعم...أنا عضو اتحاد الكتاب ، وأول من ساهم أنا ومجموعة من الشعراء والأدباء فكرة تأسيس الاتحاد ،ما قدمته للاتحاد كثيرا ، ،ولكن نحن بظروف صعبة جدا لا نجد اليد الداعمة لنا ،نرفض أن نأخذ أي دعم من المؤسسة الصهيونية ،وهناك محاربة من قبل جهات تحاول قتل الروح المعنوية لدينا  ، ونحن بأشد الحاجة لها ، وخاصة وأننا جسم ثقافي في قيد التأسيس والتطوير لا يملك ميزانية يتمكن من القيام بفعاليّات ونشاطات تليق باسمه. نحن نعمل على فتح باب التواصل مع اتحاد الكتاب في رام الله ونتواصل مع ادباء من مدن وقرى فلسطينيه في فلسطين  . نرتقي الى التواصل مع العالم العربي أيضا ، ولقد وصلتني في السنة الماضية دعوة من جامعة القدس في جنين للمشاركة في يوم التراث الفلسطيني في عيون المرأة الفلسطينية ..شاركت حينها باسم الاتحاد ومنذ تلك اللحظة ونحن في تواصل مع وزارة الثقافة الفلسطينية في جنين.
ما قدّمه لي الاتحاد شعورا جميلا ، بأنني انتمى الى مؤسسة ثقافية فلسطينية بحته خالية من الشوائب والرجعية الفكرية .

س- هل هناك دعم للكاتب الفلسطيني؟

 سؤال وجيه يحرك الألم ..للأسف غاليتي لا توجد مؤسسة أو جمعية داعمة للكاتب في فلسطين المحتلة ،  فهو بين المطرقة والسنديان ،يرفض أي دعم من المؤسسة الصهيونية ويرفض أن يكون اسمها على إصدارته ،وخاصة إذا كان وطنيا وقوميا بحق. ومن ناحية أخرى لا يجد اليد الداعمة له ، فهو يحاول أن يصدر كتبه من جيبه الخاص ،هذا بدون شك مثقل وصعب ،ولا يجد أيضا من يسوق له الكتاب بعد إصداره.
أحدثك عن تجربتي ..أصدرت ديواني الأخير" قزحية اللون " ودفعت مبلغا وقدره وما زال حتى الآن في مكتبي لم أسوقه ،ودار النشر لم تقم بالتسويق فقط اكتفت بما كسبته من ثمن طباعته . وأيضا في مجال أدب الأطفال أعاني كثيرا اضطر لدفع قسم من تكاليف الطباعة وفي النهاية الربح لدار النشر وحقوق الطبع محفوظة لها . بصراحة هذه الأمور تحبطني أفكر أحيانا بعدم الاستمرار في الكتابة .

س - ... المسرح في حياة وفاء عياشي له حضور قوي،ماذا تقولين عنه باعتبارك عضو مسرح في مدينتك طمره؟

المسرح هو خبز الحياة كما قيل:" أعطيني خبزا ومسرحا أعطيك شعبا مثقفا"
أنا اعشق المسرح بجنون ، أول كتاباتي كانت في هذا الفن الرائع وكنت حينها طالبة في الثانوية مسرحية "السلام الآن" وترجمت للغة العبرية ومثلت على المسرح اليهودي العربي ،ولكن للأسف لم أشاهدها ،وكنت أيضا أكتب السكيتشات وأمثلها أمام الطلاب والمدرسين في المدرسة ،والمؤسسات والجمعيات؟
في حينها لم يصدقوا بأنني لا أتعلم التمثيل ،ولكن هذه الموهبة والكتابة المسرحية لم تستمر، توقفت مجرد إنهاء المرحلة الثانوية . اليوم أدرب طلابي في المدرسة وأكتب لهم كما كنت أفعل وأنا طالبة .
أسسنا في المركز الجماهيري لجنة مسرح ، لمتابعة أفضل المسرحيات في المدن العربية من أجل عرضها على خشبة المسرح وجمهور مدينتي طمره ذواق للمسرح .
س- حصلت على اللقب الأول في التربية لجيل الطفولة المبكرة واللغة ألعربية ماذا يعني لك هذا الانجاز الهام؟
حصولي على اللقب الأول هو انجاز افتخر به ، واعتبره تحقيق لطموحاتي وذاتي ،ولقد فتح أمامي أبواب العمل وأعطاني الشعور بكينونتي ووجودي كسيدة لها مكانتها على الساحة الأدبية والتربوية والاجتماعية.
بدون شك ليس من السهل على المرأة التعليم وهي لديها أسرة تحتاجها وأطفال يحتاجون رعاية واهتمام ،وتقع عليها العديد من المسؤوليات في الحياة ،ولكن برغم كل الظروف الصعبة جازفت من أجل التعليم والحصول على هذا اللقب ،وانوي ان شاء الله الدراسة للقب الثاني عما قريب .

س - قيل ان الحزن أصدق المشاعر الإنسانية، ما موقع الحزن في ابداعاتك خاصة وأنك تحملين قضية وطن وشعب يأمل بالحرية وكسر قيود الاحتلال؟

الحزن غاليتي هو ناي الراعي الذي يجلس في ظل الشروق ليعزف لقطيعه سرّ الحياة. وهو خبز الحافي الذي يمسكه طفل يقف أمام ركام بيته . وهو حشرجة أمّ ثكلى .
الحزن هو جمرة الكاتب التي تحرق آهاته حينما يحمل همّ قضيته ويسير بها بين أطراف النسيان والغربة والاغتراب ، وينام في ظلال الصمت يلتجئ إلى سكينة الحروف ليصرخ هذيان ألمه .
اعزف أوتار قضيتي وشعبي المشرد ترنيمة خلود وبقاء ،وأصرخ في النّص صرخة أُمّي وهي تناجي الله بأن يمنحها يوما واحدا لتعيش في قريتها المهجرة ولم تتحقق أمنيتها رحمها الله !!!!
ابكي غياب الأمن والأمان في زمن أصبح البارود والمدفع لغة الحديث والحوار !!
ومن أين يأتي الفرح ودم الأطفال والنساء منذ ستة عقود ونيف في كف الريح سيدتي؟!!!!

س - بداخل كل كاتب ناقد عادل.. وهما كالخصم والحكم.... هل تمارسين النقد على إنتاجك وهل تجرين يد التعديل والتنقيح على قصائد مر عليها زمن؟

 نعم ، الكاتب يصبح ناقدا عادلا لنصوصه وذلك من خلال التجربة والاستمرارية والإطلاع على أدب الآخرين أيضا .
أنا ناقدة لذاتي ونصي ،عند ولادة النص اتركه لا أقرؤه ، أعود له بعد فترة أقرؤه بصوت عالٍ كأني أمام جمهور ، وحينها أتذوقه وأفحصه ، وإذا رضيت به أنا أولا أقبله للآخرين ، والكثير من النصوص ألقيتها جانبا وبعضها أجريت تعديلا عليها ..ونصوصا تولد لا تحتاج لأي تعديل. وأحيانا أقرأ النص لأبنائي هديل ومحمود وجدي وشيرين. وجدي طالب طب سنة رابعة وهو ذواق للأدب ومتابع لي ،واحترم رأيه ،وأيضا ابنتي هديل متابعة لي وتقول لي دائما نفسي افهم ما تكتبين يا ماما ،ولكن كتاباتك رائعة. محمود يعشق حرفي وهو يحب الأدب ويبدي رأيه أيضا ،وأتوقع أن يصبح كاتبا. شيرين بعيدة نوعا ما ـ ولكنها تحب ما اكتبه وفخورة بوالدتها . 
س-كيف يتبدى المكان فى شعر وفاء عياشي..هل يبدو بصورته الجغرافية ..أم الرمزية ..أم حالة إنسانية ؟

الكتابة حالة شعورية ، وهي خليط ما بين الوجدان والروح والعقل والفكر ،
وهي تؤثر وتتأثر بمن حولها .
وكل حالة تحدث في مكان ... ربما استعمل الرمزية التي هي ميزة كتاباتي ، وربما أذكر المكان الجغرافي وهذا متعلق بنوع النص . مثلا - ما يحدث الآن في الدول العربية من ثورات يحدث في أماكن جغرافية كتبت عنها ، وعبّرت عنها بإنسانيتي ورفضت ما يحدث من قتل ودمار . وذكرت وسميت الأشياء بأسمائها. "الثورة المصرية " ليبيا" "تونس  "الشام " وهكذا .

س- ماذا قدّمت لفلسطين؟ و ماذا قدّت فلسطين لك؟

فلسطين أنا ....وأنا فلسطين ....تجري في دمي اعشقها حتى النخاع أول قصائدي في ديواني الأول "ما وراء ديمة" فلسطينية أنا أشعر بألم شديد لأني ضائعة الهويّة لا استطيع بسبب الاحتلال  أن اذكر اسمها بحرية ، وأن احمل علمها كما أريد .
قدّمت لي جرحا في أحشائي و ما زال ينزف ،ووهبته لأبنائي ليبقى همهم حتى نرى علمنا يرفرف فوق أقصانا الشريف.

س- برأيك هل حققت قصيدة النثر ما طمح إليه الشعراء أم إنها مازالت تحاول إثبات ذاته ؟

قصيدة النثر باتت تحتل مساحة كبيرة في النتاج الشعري المعاصر ،حيث تظهر جمالياتها من خلال الصورة والتخيل والرمز والشفافية وعمق الرؤية .وهي متحررة من أسر الوزن الشعري وتنطلق في آفاق التحرر اللفظي والفكري. نراها اليوم رائدة برغم اعتراض الكثيرين عليها من الموالين للقصيدة الكلاسيكية المبنية على أسس الأوزان والبحور الشعرية .
أنا باعتقادي أن الشعر والأدب مرهون بتطورات العصر ،ويجب أن يلاءم بيئة عصره ، البيئة التي كانت في الزمن الجاهلي ليست بيئة اليوم .
هناك كثيرون أعطوا اهتمام كبير ومكانة مرموقة لقصيدة النثر ،منهم الشاعر الفلسطيني منير زيد الذي سماها بالقصيدة البيضاء والقصيدة الكريستالية والقصيدة الكونية والشعر الصافي.

س- هل نستطيع أن نسأل أن القصيدة النسائية بخير الآن، وهل تسير هذه القصيدة في طريق الإبداع أم هي تكرر ما قيل وما يقال من معاناة وحرمان وتمرد؟

غاليتي سناء ..القصيدة النسائية منذ الخنساء وهي تقف في حلبة الصراع وتحاول إثبات ذاتها،فالخنساء كانت تنافس الشعراء في سوق عكاظ وتتفوق عليهم . ولكن في عصرنا الحالي بالرغم من التطور الحاصل والانفتاح ، إلا أن المرأة تقف محاطة بالكثير من الضغوطات على جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية ، وهي مرتبطة اارتباط وثيق بالأسرة تقع عليها مسؤوليات جمّة ، وما زال الفكر الرجولي مهيّمن على فكرها وحياتها بشكل كبير.
 سابقا ايّ إنتاج وإبداع يمنح للرجل أو تكون في ظله ومن خلال اسمه ، وارتباطها به اقتصاديا يضعفها كونها بحاجة له ماديا،هذا بدون شك يؤثر على إنتاجها وإبداعها ، ويبقيها بين قوسين . ولكن هناك من تمردنّ وتحررنَّ من هذه القيود وصرخنّ بصوت مسموع داخل النّص ، وعبّرنَ من مكنونهن الداخلي ،وزحفن نحو الفعل الثقافي والسياسي ،وتحررن اقتصاديا من هيمنة الرجل ،مما ساهم في تطورها مؤخرا وظهرت أسماء لامعة لها مكانتها.

س - سؤال يستفز فضولي في كل حوار صحافي عن طقوس الكتابة عند الشعراء، كيف تعيش وفاء عياشي حالة الكتابة الشعرية؟

ليس لي أيّ طقوس للكتابة ،أنا لا أذهب للنص بل هو يأتي إليَّ بالحلّة التي يريدها بالطقوس التي يختارها بالوقت الذي يناسبه ،بالتطفل بالفضول،بالحب ، بالعشق ،بالوله ، وفي الحلم ،في الهذيان . يلْبَسني عباءة ويلقيني جسدا منثور الحروف، وروحا تحلق فوق السحاب.
أفتح له بابي...نجلس معا ونرتشف قهوة الصباح او المساء ألاطفه أسماره أداعبه ، يؤلمني حضوره يوجع كياني يسري في وريدي امتلئ به حتى المخاض ،يولد مشاكسا اضحك له أضمه في عينيّ يذهب هو لينام بين صفحات دفاتري ،وأبدأ بحمل جديد.

س  - هناك من يرى أن القصيدة العربية في خطر وقد فقدت فاعليتها في التأثير على المتلقي ؟ هل توافقني على هذا الرأي ولماذا؟

القصيدة العربية ما زالت بخير، وهناك القصيدة الرائدة التي تحررك من ذاتك ،وتأخذك بين تقاسيم الوجود وترنيمة الربابة ، وأنين النّاي ، ورقصة غجرية على ضفاف نهر يقبّل ضفائرها أغنية بقاء وخلود.
المشكلة ليست بها ،بل بالمتلقي الذي نفتقده في ظل العولمة والتطور التكنولوجي الذي أصبح بعيدا كل البعد عن الكتاب .ونحن أمة أقرأ لا تقرأ .
وأمر أخر بات يهدد القصيدة ويقلقني ،وهو ادعاء الكثير بأنهم شعراء ،يكتبون بضع كلمات على شبكات التواصل الاجتماعي، ويأخذون عليها بعض التعليقات غير بناءة لمجرد المعرفة الشخصية وتكون خالية من مقومات القصيدة فيظنون إنهم فعلا شعراء .عدا الأخطاء الإملائية والنحوية الموجودة .

س - ما الشروط الضرورية التي ينبغي توفرها بنظرك في الشاعر الناجح؟

أولا الشاعر يجب أن يكون مثقفا وقارئا ،ومتابعا لكل ما يدور حوله . أن يكون صاحب مبدأ وفكر وجريء يعبر عن رأيه دون خشية وخوف . يجب أن يكون له حضورا في المحافل وعلى المسارح ، وأن يجذب جمهوره بهدوئه وبسمته التي يجب أن يتسلح بها تعبيرا عما يشعر به اتجاه محبيه.
أن يتسم بالإنسانية والصدق وحب الآخرين ، والتواضع من أجمل السمات التي يجب أن يتحلى بها ،لأنها ترفع من مكانته أمام ذاته أولا وأمام الآخرين ثانيا . "من تواضع للناس رفعه الله". لأن الشاعر والأديب ميزه الله عن غيره من الناس بهذه الموهبة التي يجب أن تكون رسالته في الحياة ، وهو له تأثير ورؤية بعيدة وعمق وفكر مغاير ،والأديب يجب أن يعمل على التغيير بفكره .

س- ما هي الموضوعات التي أخذت حيزا في شعرك أكثر من سواها ، ولماذا؟

طبعا القضية الفلسطينية والألم الفلسطيني من أكثر المواضيع التي تربعت على عرش نصوصي ،لأنها قضيتي وقضية شعبي الذي ما زال يقبع تحت الاحتلال .ويؤلمني عندما أرى فلسطين مشطورة إلى عدة أجزاء .غزة...رام الله ..الجليل ..القدس ..وشعبي مشتت في كل بقاع الأرض.
والشاعر لا يستطيع أن يكون منفصلا عما يدور حوله ،أن الأحداث الدائرة اليوم في عالمنا العربي حركت بي حسي الوطني وانتمائي القومي وحلمي بالوحدة العربية ،مما دفعني للكتابة والتعبير ورفضي لقتل الإنسان والإنسانية لمجرد التفكير بالحرية والتحرر من عبودية الفكر المظلم والظالم.

س - هل حققت الشاعرة ما يؤهلها لمنافسة الشاعر ؟

الشاعر يولد شاعرا غير مقصور على الجنس. إذا كانت سيدة أو رجل فهذه فطرة من الله عز وجلّ.
فمنهم أخذوا حيزا كبيرا وظهروا للإعلام ، وكانوا محظوظين بهذا الجانب بالرغم من عدم تقديمهم أدبا جيدا .على عكس غيرهم الذين يملكون نصا جيدا ولكن لم تتح لهم الفرصة للظهور ، ولم يأخذوا فرصتهم بسبب عوامل كثيرة لا مجال لذكرها.
بالنسبة للشاعرة لا تختلف كثيرا .فمنهن من أخذت فرصتها لسبب ما أكثر من غيرها. باعتقادي النص الجيد الذي يفرض نفسه على الساحة الأدبية إذا كان للشاعر أو للشاعرة.
اليوم شبكات التواصل الاجتماعي أعطت الفرصة للكثيرات فرصة الظهور ونشر نصوصهن ، وفتحت الأبواب أمامهن بالمشاركة والمنافسة في العديد من المسابقات والمهرجانات والتفوق على الشعراء ، هذا بحال كتبت نصا يستحق القراءة ، وأثبتت نفسها بعد ذلك .

س هل هناك علاقة بين عملك والمجال الإبداعي ؟

هناك علاقة وطيدة بين الاثنين. كوني أدرس اللغة العربية لفئة الصغار ،وأنا أعمل على تأسيس هذه الأجيال من جميع الجوانب ، الوطنية والقومية والثقافية . عندما أقرأ لهم نصا أدبيا ، ربما يعطيني فكرة ما وإلهاما لكتابة نصا جديدا .  أقول بصدق لكِ ..كتبت عدّة قصص للأطفال خلال التدريس ،ودائما أقول لطلابي أيضا انتم معلّمون بالنسبة لي أتعلم منكم . وفي حصص المطالعة اسرد لهم القصص من خيالي ، وبعد عودتي للبيت أضع النقاط الرئيسية ، ومن ثمّ أطوّرها لقصة أطفال فيما بعد. وأيضا عملي كمحاضرة في التربية لجيل الطفولة ،يمنحني الكثير في مجال نمو الطفل النفسي والاجتماعي والعاطفي واللّغوي والحركي الحسي ،وحاجات الطفل في جميع المجالات . كل ذلك يساعدني أثناء كتابة قصّة الأطفال لفهمي لمتطلبات الطفل . لأن الكتابة للأطفال مسؤولية كبيرة جدا . أحيانا كلمة او حالة  من شأنها أن تبني شخصية طفل أو تهدم شخصيته . لذا اختيار المفردات والأحداث والصور في هذا المجال له أهمية كبيرة .

س هل ترين لغياب حركة النقد اثرا على ركود الشعر في الدول العربية وخاصة في فلسطين المحتلة ؟

النقد هو رؤية ثاقبة ومعمقة للناقد في فحوى النص ويرى ما لا يراه حتى كاتب النص نفسه ،وهو خبير له قدرة خاصة ودراية بالحكم ،فهو يفحص مزاياه وعيوبه ،لذا الكاتب يحتاج الى هذه الرؤية من أجل معرفة عيوب ومزايا نصه. نحن بحاجة الى هذه النهضة في مجال النقد ، فغياب الحركة النقدية يثبط النّص. والناقد رجل عاقر لا ينجب نصوصا ، لكنه نديم للأديب ،ومن المفروض أن ينظر بعينيين فاحصتين وبلسان بديع الى نص المبدع. غابت المدارس النقدية والأدبية على صدر الصفحات الصفراء ،وحل مكانها الانطباعية والوصفية والمدحية ، وهذه المدارس من شأنها ألا ترسم سمة الأدب ولا أن تبتكر أشكالا جديدة ، لذلك اختلطت  الأجناس الأدبية ولم تظهر على الساحة الأدبية أشكالا وأنماطا جديدة سوى ق.. ق..ج "القصة القصيرة جدا" هذا الشكل الوليد شكلا لم يوفه النقاد حقه من دراسة وتمحيص ووضع أقفاص وقماقم له ،لذلك تشتت الكتاب بهذا الفن القصصي الجديد وامتزج مع المثل والقول المأثور والومضة الشعرية ،و العديد من الكتاب كتبوا هذا النوع من النصوص .
ما يقلقني ويقلق الكثيرين من الأدباء أيضا في هذا الجانب ،أن هناك نقاد يتناولون نصوصا لأشخاص تربطهم بهم علاقة شخصية ،أو لمجرد أن اسم هذا الشاعر أو الأديب ذاع سيطه في العالم العربي أو على مستوى دولته دون الاكتراث بماهية النص ،وبذلك ويكون النقد غير موضوعي .
نحن بحاجة الى نقاد بحق ينقدون النص بفكر موضوعي مرتكز على منهجية نقدية لرفع قيمة النص وكاتبهُ ،أو يساعده لإظهار العيوب من أجل تجنبها في نصوص قادمة .

شكرا لك جميلتي سناء الحافي على هذا اللقاء والحوار ....

هذا الموضوع قابل للنسخ .. يمكنك نسخ أى رابط من تلك الروابط الثلاثة ولصقه بصفحاتك على المواقع الإجتماعية أو بموقعك

URL: HTML link code: BB (forum) link code:

فيديو الوطن العربى

عالم الفيديو

إلإجتماعيات و المناسبات

الصفحات الألكترونية و مواقع التواصل الإجتماعى

أقلام و رسائل القراء

الموضوعات الأكثر قراءة

أسرة الصحيفة و المنضمون اليها